في غرفة الانتظار لدى طبيب أطفال في واشنطن، جلست طفلة تبلغ من العمر حوالي الثماني سنوات قرب جدتها، تستمع إليها بشغف وهي تقرأ لها قصة للأطفال حول إنشاء "دولة الصهاينة" والانتصار الذي حققته؛ استعادة "أرض الميعاد".
بالقرب منها جلست أم فلسطينية قرب طفلتها، ولا شيء معها سوى بعض أحاديث من الذاكرة، سمعت عنها من بعض الكبار عن بلدها، إلا أنها لم تكن تفكر يومًا بأن تقرأها لأبنائها، باعتبارهم صغارًا "بكير عليهم ليفهموا مثل هذه الأمور"، وفكرت الأم أنه حتى إن أرادت؛ فأين تجد ما يكتب للأبناء حول القضية.
عادت الأم الفلسطينية إلى حيث تقطن في عمان؛ لتستقبل ابن أخيها العائد من بريطانيا حيث يدرس؛ لتستمع إلى ما يرويه بمرارة عن تجربته في التعرف إلى طالب صهيوني، صدمه بالمعلومات التاريخية التي يمتلكها، والحجج المنطقية التي نجح من خلالها بإقناع الطلاب من حوله بعدالة "قضيته" مقابل إرهاب العرب، وكم أسقط بيد الطالب الفلسطيني؛ حيث لم يستطع مجابهته بالمعلومات التي يمتلك "نتفًا" منها، أو مقارعته بأي حجة لم يكن على بينة منها.
صحيح أن عاطفته وحماسته كانت قوية ولكنها لا تقنع أحدًا.
أذكر هاتين الحادثتين لما لهما من دلالات حول تربية أبنائنا على فهم قضايانا؛ لا سيما القضية الفلسطينية، وتعريف أبناء العالم بها، وتنمية الشعور بالمسئولية تجاهها، وحقهم في المقاومة من أجل استرداد حقوقهم الوطنية والقومية كمواطنين؛ حيث يبدو جليًّا تقصيرنا الواضح في هذا المجال، مقابل الإصرار الصهيوني على التوجه للكبار والصغار، بحملة دؤوبة لا تتوقف لنشر المعلومات التي تثبت وجهة نظرهم، وتكسب الدعم لهم في كل ما يفعلون، وينطبق الأمر نفسه على المقاومة في العراق وظروف الاحتلال وادعاءاته؛ حيث لا يمكن فصله عن الحركة الصهيونية ومطامعها.
وتتميز هذه الحملة بالخصائص التالية:
أولاً: استخدام التاريخ القريب والبعيد لإظهار "الظلم والاضطهاد اللذين أحاقا بالشعب اليهودي" من قبل سكان الأرض، مقابل التمييز الإلهي لهم كشعب الله المختار، والذي وهبهم "أرض الميعاد"؛ ليقيموا عليها دولة هي حقهم منذ الأزل، وحيث أقاموا دولة متقدمة ديمقراطية، تدافع عن "حقها في الوجود"، مقابل "الإرهاب" الذي يمارسه عليها الفلسطينيون؛ ما يؤدي إلى الشعور بالذنب الإنساني تجاه هذا الشعب العظيم المقهور وإلى الرغبة في الدفاع عنه.
ثانيًا: استخدام كافة الوسائل التي من شأنها أن تؤثر على العقل؛ من خلال إثارة المشاعر الإنسانية المرهفة؛ بحيث تؤدي بالضرورة إلى تبلور موقف داعم لهم، بل ومتحيز إلى جانبهم، يعتبر كل ما يفعلونه حقًّا وعدلاً؛ فركزوا اهتمامهم على وسائل الإعلام المختلفة والأدب بكل فئاته والفنون على أنواعها، وبشكل خاص المسرح والسينما، ولا بد أن العديد منا شاهد منذ بضع سنوات فيلم "لائحة شاندلر" وقبله "اختيار صوفي" وتأثر بكليهما.
ثالثًا: الاهتمام الخاص بالأطفال والنشء؛ لقد أدرك الصهاينة منذ البداية أهمية هذا الجيل في بناء المستقبل وضمان الاستمرار، فأنتجوا لهم الحكايات والمسرحيات وكتب المعلومات والملصقات والألعاب، بكثرة وبطريقة جذابة، وربما كان أبرز مثال على ذلك "معرض القدس" الضخم الذي أُقيم في مدينة ديزني للأطفال منذ بضع سنوات، والذي حاول إثبات هوية القدس اليهودية عبر العصور، ولم تجد نفعًا حينها الاحتجاجات العربية، والتي اقتصرت على بعض أبناء الجالية العربية في الولايات المتحدة. حيث سمع بها في بلادنا فقط ندرة من المهتمين المتابعين لما يحدث في الخارج ولكن دون أي رد فعل يذكر.
لقد أدرك أعداؤنا أهمية التربية والتثقيف لنجاح أهدافهم، وكما توجهوا لأبنائهم وللعالم بتلك الحملة المركزة الفعالة، توجهوا إلى أبنائنا الصامدين في أرضهم بحملة مركزة من نوع آخر، استهدفت بالدرجة الأولى محاصرة وضرب إمكانيات النهوض التربوي والإنساني العربي في مهدها، ساعدهم فيها دفع كبير، وفره ذلك الصمت العربي الصارخ.
بالقرب منها جلست أم فلسطينية قرب طفلتها، ولا شيء معها سوى بعض أحاديث من الذاكرة، سمعت عنها من بعض الكبار عن بلدها، إلا أنها لم تكن تفكر يومًا بأن تقرأها لأبنائها، باعتبارهم صغارًا "بكير عليهم ليفهموا مثل هذه الأمور"، وفكرت الأم أنه حتى إن أرادت؛ فأين تجد ما يكتب للأبناء حول القضية.
عادت الأم الفلسطينية إلى حيث تقطن في عمان؛ لتستقبل ابن أخيها العائد من بريطانيا حيث يدرس؛ لتستمع إلى ما يرويه بمرارة عن تجربته في التعرف إلى طالب صهيوني، صدمه بالمعلومات التاريخية التي يمتلكها، والحجج المنطقية التي نجح من خلالها بإقناع الطلاب من حوله بعدالة "قضيته" مقابل إرهاب العرب، وكم أسقط بيد الطالب الفلسطيني؛ حيث لم يستطع مجابهته بالمعلومات التي يمتلك "نتفًا" منها، أو مقارعته بأي حجة لم يكن على بينة منها.
صحيح أن عاطفته وحماسته كانت قوية ولكنها لا تقنع أحدًا.
أذكر هاتين الحادثتين لما لهما من دلالات حول تربية أبنائنا على فهم قضايانا؛ لا سيما القضية الفلسطينية، وتعريف أبناء العالم بها، وتنمية الشعور بالمسئولية تجاهها، وحقهم في المقاومة من أجل استرداد حقوقهم الوطنية والقومية كمواطنين؛ حيث يبدو جليًّا تقصيرنا الواضح في هذا المجال، مقابل الإصرار الصهيوني على التوجه للكبار والصغار، بحملة دؤوبة لا تتوقف لنشر المعلومات التي تثبت وجهة نظرهم، وتكسب الدعم لهم في كل ما يفعلون، وينطبق الأمر نفسه على المقاومة في العراق وظروف الاحتلال وادعاءاته؛ حيث لا يمكن فصله عن الحركة الصهيونية ومطامعها.
وتتميز هذه الحملة بالخصائص التالية:
أولاً: استخدام التاريخ القريب والبعيد لإظهار "الظلم والاضطهاد اللذين أحاقا بالشعب اليهودي" من قبل سكان الأرض، مقابل التمييز الإلهي لهم كشعب الله المختار، والذي وهبهم "أرض الميعاد"؛ ليقيموا عليها دولة هي حقهم منذ الأزل، وحيث أقاموا دولة متقدمة ديمقراطية، تدافع عن "حقها في الوجود"، مقابل "الإرهاب" الذي يمارسه عليها الفلسطينيون؛ ما يؤدي إلى الشعور بالذنب الإنساني تجاه هذا الشعب العظيم المقهور وإلى الرغبة في الدفاع عنه.
ثانيًا: استخدام كافة الوسائل التي من شأنها أن تؤثر على العقل؛ من خلال إثارة المشاعر الإنسانية المرهفة؛ بحيث تؤدي بالضرورة إلى تبلور موقف داعم لهم، بل ومتحيز إلى جانبهم، يعتبر كل ما يفعلونه حقًّا وعدلاً؛ فركزوا اهتمامهم على وسائل الإعلام المختلفة والأدب بكل فئاته والفنون على أنواعها، وبشكل خاص المسرح والسينما، ولا بد أن العديد منا شاهد منذ بضع سنوات فيلم "لائحة شاندلر" وقبله "اختيار صوفي" وتأثر بكليهما.
ثالثًا: الاهتمام الخاص بالأطفال والنشء؛ لقد أدرك الصهاينة منذ البداية أهمية هذا الجيل في بناء المستقبل وضمان الاستمرار، فأنتجوا لهم الحكايات والمسرحيات وكتب المعلومات والملصقات والألعاب، بكثرة وبطريقة جذابة، وربما كان أبرز مثال على ذلك "معرض القدس" الضخم الذي أُقيم في مدينة ديزني للأطفال منذ بضع سنوات، والذي حاول إثبات هوية القدس اليهودية عبر العصور، ولم تجد نفعًا حينها الاحتجاجات العربية، والتي اقتصرت على بعض أبناء الجالية العربية في الولايات المتحدة. حيث سمع بها في بلادنا فقط ندرة من المهتمين المتابعين لما يحدث في الخارج ولكن دون أي رد فعل يذكر.
لقد أدرك أعداؤنا أهمية التربية والتثقيف لنجاح أهدافهم، وكما توجهوا لأبنائهم وللعالم بتلك الحملة المركزة الفعالة، توجهوا إلى أبنائنا الصامدين في أرضهم بحملة مركزة من نوع آخر، استهدفت بالدرجة الأولى محاصرة وضرب إمكانيات النهوض التربوي والإنساني العربي في مهدها، ساعدهم فيها دفع كبير، وفره ذلك الصمت العربي الصارخ.
الجمعة يونيو 10, 2016 2:48 am من طرف mourad2323
» مواضيع بكالوريا لجميع الشعب
الخميس يونيو 02, 2016 9:21 pm من طرف mourad s
» مرحبا خضوووووووووووووووووووووووور
الثلاثاء سبتمبر 16, 2014 9:46 pm من طرف تسنيم الجنة
» الكلمة الطيبة
الأحد أغسطس 17, 2014 4:57 pm من طرف khadrazizo81@gmail.com
» حكــــــــــــــــــــم رائـــــــــــــــــــعة
الأحد أغسطس 17, 2014 4:32 pm من طرف khadrazizo81@gmail.com
» يارب ارجو شهادة هناك
الثلاثاء يوليو 29, 2014 10:11 pm من طرف mourad s
» هديتي لكم بالعيد المبارك
الثلاثاء يوليو 29, 2014 10:10 pm من طرف mourad s
» لم يبق لنا إلا الدعاء
الثلاثاء يوليو 29, 2014 10:07 pm من طرف mourad s
» أقوال حكيمة
الثلاثاء يوليو 29, 2014 10:04 pm من طرف mourad s